responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 552
بَيَّنَ أَنَّهُمْ لَا يَهْتَدُونَ وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ هَذَا قَوْلُ الْهُدْهُدِ فَلَا يَكُونُ حُجَّةً وَثَانِيهَا: أَنَّهُ مَتْرُوكُ الظَّاهِرِ، فَإِنَّهُ قَالَ: فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَعِنْدَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا صَدَّ الْكَافِرَ عَنِ السَّبِيلِ إِذْ لَوْ كَانَ مَصْدُودًا ممنوعا لسقط عنه التكليف، فلم يبق هاهنا إِلَّا التَّمَسُّكُ بِفَصْلِ الْمَدْحِ وَالذَّمِّ وَالْجَوَابُ: قَدْ تَقَدَّمَ عَنْهُ مِرَارًا فَلَا فَائِدَةَ فِي الْإِعَادَةِ واللَّه أعلم.

[سورة النمل (27) : الآيات 25 الى 28]
أَلاَّ يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26) قالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ (27) اذْهَبْ بِكِتابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28)
وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اعْلَمْ أَنَّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَلَّا يَسْجُدُوا قِرَاءَاتٍ أَحَدُهَا قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ بِالتَّخْفِيفِ (أَلَا) لِلتَّنْبِيهِ وَيَا حَرْفُ النِّدَاءِ وَمُنَادَاهُ مَحْذُوفٌ، كَمَا حَذَفَهُ مَنْ قَالَ:
أَلَا يَا أسلمي يا دارمي عَلَى الْبِلَى ... [وَلَا زَالَ مُنْهَلًّا بِجَرْعَائِكِ الْقَطْرُ]
/ وَثَانِيهَا: بِالتَّشْدِيدِ أَرَادَ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ لِئَلَّا يَسْجُدُوا، فَحَذَفَ الْجَارَّ مَعَ أَنْ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لَا مَزِيدَةً، وَيَكُونُ الْمَعْنَى فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (إِلَّا) [1] أَنْ يَسْجُدُوا وَثَالِثُهَا: وَهِيَ حَرْفُ عبد اللَّه و [هي] [2] قراءة الْأَعْمَشِ هَلَّا بِقَلْبِ الْهَمْزَةِ هَاءً، وَعَنْ عَبْدِ اللَّه هَلَّا تَسْجُدُونَ بِمَعْنَى أَلَا تَسْجُدُونَ عَلَى الْخِطَابِ وَرَابِعُهَا: قِرَاءَةُ أُبَيٍّ أَلَا يَسْجُدُونَ للَّه الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ (فِي السَّمَاوَاتِ) [3] وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَمَا تُعْلِنُونَ.
المسألة الثَّانِيَةُ: قَالَ أَهْلُ التَّحْقِيقِ قَوْلُهُ: أَلَّا يَسْجُدُوا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْأَمْرِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بِمَعْنَى الْمَنْعِ مِنَ السَّجْدَةِ لَمْ يَكُنْ لِوَصْفِهِ تَعَالَى بِمَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ السُّجُودُ لَهُ وَهُوَ كَوْنُهُ قَادِرًا عَلَى إِخْرَاجِ الْخَبْءِ عَالِمًا بِالْأَسْرَارِ مَعْنًى.
المسألة الثَّالِثَةُ: الْآيَةُ دَلَّتْ عَلَى وَصْفِ اللَّه تَعَالَى بِالْقُدْرَةِ وَالْعِلْمِ، أَمَّا الْقُدْرَةُ فَقَوْلُهُ: يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَسَمَّى الْمَخْبُوءَ بِالْمَصْدَرِ، وَهُوَ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ أَنْوَاعِ الْأَرْزَاقِ وَالْأَمْوَالِ وَإِخْرَاجُهُ مِنَ السَّمَاءِ بِالْغَيْثِ، وَمِنَ الْأَرْضِ بِالنَّبَاتِ. وَأَمَّا الْعِلْمُ فَقَوْلُهُ: وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ الرَّدُّ عَلَى مَنْ يَعْبُدُ الشَّمْسَ وَتَحْرِيرُ الدَّلَالَةِ هَكَذَا: الْإِلَهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى إِخْرَاجِ الْخَبْءِ وَعَالِمًا بِالْخَفِيَّاتِ، وَالشَّمْسُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ فَهِيَ لَا تَكُونُ إِلَهًا وَإِذَا لَمْ تَكُنْ إِلَهًا لَمْ يَجُزِ السُّجُودُ لَهَا، أَمَّا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَالِمًا عَلَى الوجه الْمَذْكُورِ، فَلَمَّا أَنَّهُ وَاجِبٌ لِذَاتِهِ فَلَا تَخْتَصُّ قَادِرِيَّتُهُ وَعَالَمِيَّتُهُ بِبَعْضِ الْمَقْدُورَاتِ وَالْمَعْلُومَاتِ دُونَ الْبَعْضِ، وَأَمَّا أَنَّ الشَّمْسَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ فَلِأَنَّهَا جِسْمٌ مُتَنَاهٍ، وَكُلُّ مَا كَانَ مُتَنَاهِيًا فِي الذَّاتِ كَانَ مُتَنَاهِيًا فِي الصِّفَاتِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَحِينَئِذٍ لَا يُعْلَمُ كَوْنُهَا قَادِرَةً عَلَى

[1] في الكشاف (إلى) .
[2] زيادة من الكشاف.
[3] في الكشاف (من السماء) .
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 552
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست